Translate
مشاركة مميزة
شاعر النكبة والمنفى: أبو القاسم بين العتابا والشروقيات
النشأة والبدايات وُلد الشاعر محمد عبد المالك منصور وشاحي المعروف بـ أبو القاسم الشعباوي سنة 1926 في قرية شعب الجليلية ، لأسرة فلاحين ميسورة الحال، وكان أصغر أ…


النشأة والبدايات
وُلد الشاعر محمد عبد المالك منصور وشاحي المعروف بـ أبو القاسم الشعباوي سنة 1926 في قرية شعب الجليلية، لأسرة فلاحين ميسورة الحال، وكان أصغر أولادها، فنال قسطًا من الدلال والرفاهية، خاصة من والدته.
تلقى تعليمه في مدرسة شعب الابتدائية التي أُقيمت عام 1922، وأكمل الصف السادس الابتدائي على يد معلمه الشيخ أحمد البرقيني الذي كان إلى جانب التعليم قائدًا لفصيل من الثوار في ثورة 1936.
موهبته الشعرية الأولى
بدأت موهبته في نظم الشعر بالظهور عند بلوغه الثالثة عشرة من عمره. وكان أول من شجّعه الشاعر المعروف أبو الأمين الريناوي – توفيق السعيد. كما جلس طويلًا مع الشاعر يوسف حسون وتبادل معه فنون العتابا وأصولها.
رغم معارضة والده لمشاركته في الأعراس، كان يشارك خفية في حلقات الدبكة والحداء مع الشعراء، ويظهر طلاقة لسانه وفخره بنفسه. ومن شعره المبكر:
ناحت بأعلى الجو ورقا
وعلى أهل الجود أسمى ورقى
واسمي لو كتبته بطرف ورقه
ورميته على ليث الغاب غاب
النكبة والرحيل القسري
في 16 تموز 1948 تعرضت قرية شعب لقصف شديد من قوات "الهاجاناه"، واستمر الدفاع عنها حتى سقوط الجليل في 30 تشرين الأول 1948.
تزوج أبو القاسم من عصرية الأسعد عام 1948، ورُزق بابنه البكر قاسم بين كروم الزيتون شرق القرية، قبل أن يضطر للنزوح إلى مجد الكروم حيث بدأت رحلة التشرد والمعاناة.
في 6 تشرين الثاني 1948 اعتُقل بتهمة حيازة سلاح، وتعرض لتعذيب شديد حتى ظن الجنود أنه فارق الحياة، فألقوه مع عدد من المسنين خارج القرية، لينجو بأعجوبة بعد أن أنقذه بعض الأهالي. ثم نُقل إلى مستشفى نابلس ومكث هناك أربعين يومًا. بعد شفائه، عاد متخفيًا إلى البلاد وحصل على إقامة مؤقتة، لكنه حُرم من جواز السفر ومن أداء فريضة الحج حتى وفاته.
حياته في كفر ياسيف والشعر الشعبي
استقر أبو القاسم في مجد الكروم حتى عام 1966، ثم انتقل إلى كفر ياسيف حيث احتضنه أهلها بمحبة. وبعد وفاة والده عام 1956 تحرر من قيوده التي منعته من الغناء في الأعراس، فانطلق يشارك في الأفراح والمناسبات، مرافقًا كبار الشعراء أمثال أبي موسى الحافظ وأبي جاسر وغيرهم.
تميّز بمهارته في العتابا والعتابا المجدولة والشروقيات، التي حملت هموم الناس الاجتماعية والسياسية. ومن أبياته الشهيرة:
يا طير خد هالرساله سر بها
وكل من سمع أشعاري سر بها
وكل ما حمام الدوح حوم سر بها
ودي سلامي للعزاز أصحابنا
كما قال في قصيدة "يا مساء الخير":
يا ميت أهلا وسهلا يا مساه الخير يا إخوان
عام ولى وعام طل وبان
وشو عاد تنفعنا مساه الخير
والخير طالع والرزق هربان
خاتمة
في 14 شباط 1992 أسلم الشاعر أبو القاسم الشعباوي روحه بعد صراع قصير مع المرض، ودُفن في مقبرة كفر ياسيف.
ترك خلفه إرثًا شعريًا غنيًا، وذاكرةً حيةً في قلوب أبناء شعبه، ليبقى أحد أبرز شعراء العتابا والتراث الشعبي الفلسطيني.